ملخص الحكاية
21ـ سرّ الصندوق الراوية: أمال الزتونية من غزة تلفظ القاف ﭺ مصرية كان في قديم الزمان هالملك، في تحت ايده حراس وِوُزَرا وحُكَـما. في يوم من الأيام قال الملك: والله من زمان ما تفقدناش أحوال المدينة، واللي عايشين فيها. لازم نتفقد أحوالهم، ونشوف إيش بيصير في هذا وهذا، وسأل وزير من اللي قاعدين معه: إنت مثلا قاعد، شفت إيش أحوال الناس اليوم؟ قال له: والله يا ملك، زمان ما نزلتش ع المدينة، وشفت إيش في هان ولّا هان. قال له الملك: إيش رايك ننزل بالليل نتفقد أحوال الناس، نشوف مين جيعان، مين عريان، مين تعبان، مين بيئذي الناس. قال له الوزير: موافق. طلعوا الاثنين بهالليل عشان مَحدّش يشوفهم، وهُم ماشيين لقيوا هالواحد، ختيار مسكين، بغني وبنشد بحزن، وحامل ع راسه هالقُـفّه، وفي ايده هالعكاز مْبين ع الزلمة إنه حزين وفقير غلبان وماشي. إلا هم بيقولوا له: إنت من وين؟ وع وين رايح؟ ماشي بزقاق ضيق وحزين وإنت رجال كبير حامل هالقُـفة ع راسك! إيش قصتك؟ قال: والله أنا قصتي قصة. قال له الملك: طيب تعال احكي لي قصتك، وإيش متعبك بهالدنيا. قال له الختيار: والله أنا طلعت من الصبح وحتى قبل طلوع الشمس، رحت أصيد، وزَيْ ما إنت شايف معي هالشبكة، وهالعكاز وعَ راسي هالقُـفّه، عشان أجيب قوت لأولادي ياكلوا، وأنا مش ملاقي اشي، وزي ما إنت شايف اليوم مليش رزقة، ومروح لعيالي زي ما أنا. حزن الملك ع الفقير اللي بمملكته، فقال للختيار: عرفنا من نشيدك، ومن الشعر اللي بتحكيه إنك فقير، وحالتك تعبانه، تعال معانا طيب. قال لهم: وين آجي معاكم؟ قالوا له: تعال معانا، وإنت تكسب. مشي معهم. قالوا له: بدنا نرجع ع البحر اللي جيت منه. قال لهم: أنا لسّة جاي من البحر. قالوا له: جرّب حظك كمان مرّه. اسمع، ارمي الشبكه بالبحر، وإيش ما يطلع من الشبكه، بدنا ناخذها منك ب مِيّة دينار. إن شا الله طلع حجر، إيش ما يطلع، بناخذه منك. فرح، يا ويلي عليه، زلمة فقير وعيان بدو كيف ما كان يلاقي لعياله رزقة. فوافق ورجع معاهم ع البحر والدنيا كانت ليل. حدف الزلمة الشبكة وقال: بسم الله. بعد شويه سحب هالشبكه، طلع فيها صندوق كبير، جرّوا هالصندوق على الشط وحطّوه. صار الملك يمسك بالصندوق لقاه ثقيل. قال للحراس: امسكوا هالصندوق. قالوا له: والله يا سيدنا الملك ثقيل، ومش قادرين نسحبه، ومش عارفين إيش فيه بقلبه. قال لهم: خلص حُطّوا الصندوق، وإنت يا صياد خود، هَيْ رزقتك بايدك، والله يسهل عليك، روح اشتري لأولادك أكل وشرب والله يسهلّك. قال الملك للخدم: خذوا الصندوق، ونروح فيه ع القصر، نْشوف إيش في جواته. راحوا، أخذوا هالصندوق، في داخل القصر قالوا: بدنا نشوف شو فيه لحسن يكون في حاجة. فتحوا الصندوق إلا همّ بيلاقوا فيه قُـفه، والقُـفه هذي مخيّطة. فكّوا الخيط عن القُـفه، لَقُـوا بالقُـفه محطوط بساط أحمر، رفعوا البساط، لَقُـوا تحت البساط إزار مخيّط زي كيس كبير، ومحطوط عليه زراير ومخيط. قال الملك: إيش بقلب هذا الازار؟ فتحوه لقوا فيه هالصبية، سبحان الخلاق، مقتولة ومقطعة، وجهها وايديها ورجليها. الملك قال: هه! معقول أنا عايش بالمدينه هذي، وبزماني هذا في ناس بينقتلوا وبيرتَموا في البحر! مش معقول هذا، أنا بدي أنزل عن الحكم والملوكية إذا في ناس بتتقتّل بزماني! إيش! صبية مقتولة ومرمية بالبحر! الله أكبر. قال للوزير: اسمع ! إنت وين غايب عن أحوال الناس؟ نايم! رد الوزير: إيش بعرّفني؟ أنا عارف من إيش مقتولة هالصبية هذي؟ ومين اللي قتلها هيك؟ قال الملك: بدي اياك تجيب لي اللي قتل هالبني آدمة، عشان يطّمَن قلبي، أنا هلقيت عرفت إنه أحوال الرعية تعبانة. قال له الوزير: كيف بدي أجيبه؟ قال الملك: فش فايدة إذا مجبتش اللي قتل هالصبية بدي اقتلك إنت. قال له: أنا إيش ذنبي يا سيادة الملك. قال له الملك: وكّلتك بالقضية تجيب القاتل، وإذا مجبتوش مش رح أقتلك لحالك، بدي أقتل معك عشرة من ولاد عمومتك، أصلبك وأعدمك على مرآى من الناس كلها. رَوّح الوزير ع داره، لا أكل ولا شرُب، ومرته تقول له: إيش مالك ساكت؟ إيش في؟ كول، اشرب. مش راضي يتكلم. زعلان بيفكر، وبقول لحاله: من وين بدي أجيب قاتل هالصبية؟ أنا بدي أظلم الناس؟ طيب أنا مش عارف مين اللي قتلها بدي أحط البني آدمين في رقبتي؟ أنا بدي أتهم هذا ولا هذا؟ مسك حاله وقعد يفكر بهاليل، يفكر ويفكر إيش بدو يعمل؟ وكيف يعرف القاتل. غاب ثلات أيام عن الملك. الملك بعث له خدمه، قال لهم: روحوا نادوا وزيري. راحوا وقالوا له: تع كلّم سيادة الملك. راح كده الا بيقول له الملك: لقيت اللي قتل الصبية؟ قال له: من وين يا سيادة الملك؟ هوّ أنا بدي أظلم الناس؟ أنا عارف مين اللي قاتلها؟! لما بدي أقول هذا ولا هذا بدي أظلم الناس وأحط برقبتي ناس كثير. قال له الملك: على هيك مدورتش وملاقيتش؟ قال له: لا. قال له الملك: طيب، مادامك هيك حضّر حالك الصبح بدري وتكون جايب معك عشرة من ولاد عمومتك وبدي تقف هان قبال القصر، وتكون مودع كل أهلك. والله صار وِشُه أصفر أصفر من الخوف، ارتعب، وقال: السمع والطاعة يا سيادة الملك. خلص بدو ينفذ أوامر الملك. راح ودّع عيلته، ودّع اصْحابه. ثاني يوم راح وقف قبال القصر، وصار المنادي ينادي: يا ناس، يا عامة، يا أمّة، ينادي على الناس يتجمّعوا عند القصر، ليش؟ مش عارفين، بس صاروا يتجمعوا. الملك طلب من الوزير يظهر ع الناس، ويطلع على المَنصّة، وكان كل شي جاهز للاعدام. وحضروا عشرة من ولاد عمومته وحطوهم جنبه. صار الناس يتساءلوا ويتطّلعوا في بعض، زعلانين يقولوا لحالهم: هذا الوزير كويس عمروش عمل حاجة غلط، بيخدم الملك، يا ترى إيش السبب بقتله؟ مش عارفين. وقف الملك، قال لهم السبب في قتل وزيري هُوّ إنه في ناس بزماني بتنقتل وبتموت ! وهو وين كاين غايب عن أحوال الناس؟! وهيك هيك هيك القصة ولهذا السبب بدي اشنقه مع أبناء عمومته. إلا هوّ من بين الناس اللي واقفين طلع هالشب، طلع يجري يجري يجري، ع المنصة وقال: لا يا سعادة الملك لا، مَتُـقتلوش، أنا اللي قتلت الصبية، أنا اللي قتلت الصبية. وطلع عَ المنصّة وهُوّ يقول أنا اللي قتلت الصبية اللي لقيتوها. قال له الملك: كيف إنت اللي قتلت الصبية؟! عمال لسّة بدهم ياخذوه يحققوا معاه، ظهر واحد ثاني شيخ كبير السن كهل وعجوز، طلع يجري ويقول: لا لا لا، لا أنا اللي قتلت الصبية، أنا اللي قتلتها. إلا هم صاروا اثنين، احتار الملك وصار يقول: أنا آخذ مين فيكم وأصدق مين؟ الشبّ والا الختيار بالله عليكو، أصدق مين أنا؟ واحد منكو يحكي الحقيقة وبلاش آخذ حَدّ بذنب الثاني، مين هوه اللي قتل؟ صار الشب يقول: أنا اللي قتلتها. والختيار يقول: أنا اللي قتلتها. الا الملك بيقول: طيب ما دامك هيك إنت اللي قتلتها أعطيني اشارة إنك إنت القاتل هذا الملك بيقول للختيار. الختيار سكت. قال له الشب: أنا بدّي أعطيك أمارَة على إني قتلتها. الصبية كانت بصندوق، والصندوق كان بقلبه قُـفّة مخيطة وعليها بساط أحمر وإزار مخيّط وبقلبه الصبية. إلا هو بيقول الملك للعجوز: خلص إنت انزل، وإنت خليك. إلا هو العجوز بيقول: لا إنت خليك لأولادك خسارة على شبابك، أنا خلّص عمري وصرت ختيار. الشب قال له: لا ليش تاخذ ذنبي، وتتحاسب على حاجه إنت مَعملتهاش. قال له الملك: تعال هان، قبل ما نحاسبك ونقتلك بدنا نعرف إيش سبب قتلك للصبية؟ قال: والله أنا مقتلتهاش متعمد، الصبية هذي بتكون زوجتي. صرخ الملك: زوجتك؟! كيف وليش تقتل زوجتك؟ يا سيدي الملك تحت ظروف صعبة وبالخطأ، ومَكُنتش متمالك أعصابي. قال الملك: طيب وإنت يا ختيار إيش بتكون للصبية؟ قال: أنا أبوها. همّ الاثنين عارفين بعض، بس مش هاين عليهم في بعض. قال الملك: بدنا نعرف ليش قتلت زوجتك؟ قال له: والله في يوم من الأيام كانت زوجتي نِعم الزوجه، ومخلصة وفش زيها، وفي يوم مرضت وهزلت، وكانت تدخل الحمّام بالعافية كانت مش قادرة تتحرك. وبيوم قالت: بدي أطلب منك هالطلب. قلت لها: طيب إيش بدك؟ قالت: نفسي بالتفاح. قلت لها: طيب، أنا بروح بجيب لك وبآجي. وصارت تتدروخ وهزيلة وضعيفة. صار جوزها يدوّر عَ التفاح، كان بهالوقت فش تفاح ومش وقته، صار يسأل ويقول: قد ما كان، بدي أجيبه يمكن تشفى. صار يسأل بالأسواق، واحد قال له: ما بتلاقيه غير عند واحد أمير عنده بساتين تفاح، بس بعيد منطقته بعيده كثير كثير، وبدك سفر يومين وليلة لما تصل. قال له إن شا الله اسبوع بدي أروح وأجيبه، خليها تخف من المرض. والله راح وقصد هالبلد وسأل عن بساتين تفاح الأمَرَا، وقال لهم: مرتي هزيلة ومريضة بدها تموت، طلبت مني التفاح وقدّ ما بدك حقّه بعطيك. راح اشترى منه كل تفاحة بدرهم، واخد ثلات تفاحات، وروح فيهم لزوجته. لقاها في أشد المرض وملهاش نفس حتى تاكل التفاح. قال لها: طيب هيّاني جبت لك التفاح، قومي، قومي بس مش قادرة تقوم وملهاش نفس، أخذت التفاحات الثلاثة وحطتهم جنبها مش قادرة تاكل، ونزل جوزها ع شُغله. أجا ولد من اوْلادها، الصغير فيهم، مسك تفاحة وطلع ع الشارع يلعب فيها ويلقف فيها، لقاه عبد أسود قال له: تعال يا ولد هات التفاحة. قال له الولد: لا لا هذي التفاحه تاعت امي. قال له: من وين جبتها؟ قال له الصغير: لا، هذي لأمي العيانة، بدي أرجعها تاكلها، أنا أخدتها ألعب فيها، بس وأرجعها تاني. قال له: هات، وشدها منه بشدّة. سأل العبد الولد: طيب إيش قصة التفاحة؟ ومن وين جاية؟ احنا ببلدنا فش تفاح. راح الولد قال له: أبوي جابها، وحكى له كل حاجة. أخذالعبد التفاحة بعد ما سمع القصة من الولد وراح ع داره. والله جوزها قاعد بالسوق يبيع ويشتري، شاف العبد بيلعب بالتفاحة، استغرب وقال: البلد هذي فش فيها تفاح بالمرّة، وهذا كيف جاب هالتفاحة! نادى العبد وقال له: من وين هذي التفاحة؟ قال له العبد: هذي من وحدة، أنا متعود أروح لها وأعبر عليها بدارها، حتى بالأمارة جوزها جَابهم لها ثلات حبّات من بلد بعيدة وحكى له القصة. هان، جوزها كان في عقل وانجن، قال لحاله: من وين هذا العبد الأسود يعبر على داري ويقابل مرتي؟! وكيف يتجرأ يخش بيتي؟ وهذي مرتي عاملة حالها طيبة وكويسة وتروح تعمل هيك معايا، وتخوني في قلب داري ! وراح ع الدار بدون عقل، ومن غير كلام ولا سؤال، والمرا نايمة يا حرام عيانة، إلا هوّ بيقول لها: كيف بتخونيني كيف؟ وقبل ما تتكلم بالساطور قطع رقبتها ورجليها وايديها. طيب! وين بدو يتاويها؟ والله راح رماها بالبحر. وهذي قصتي يا سيدي الملك، وبعد ما قتلتها وأنا برفعها بالصندوق، أجا ابني من الشارع بعيط وبيقول: التفاحه سرقها مني العبد الأسود. أبوه طار عقله، انجن وصاح: إيش بتقول؟ كيف؟ قال له ابنه: أنا أخذت التفاحة وامي نايمة، ومش قادرة، قلت ألعب فيها وأرَجّعها، شافها العبد وأخذها مني، وحكيت له قصتها وإنها لامي العيانة، هاد الولد لسّة مش عارف أبوه قتل امه. صار يستغفر ربه، وعرف إنها مظلومة وبريئة وإنه استعجل بقتلها. قال له الملك: هلقيت بديش اياك إنت، وبديش آخد حق الصبيه منك إنت، أنا هلقيت بدي اللي تسبب في قتلها، بدي بكل الوسائل العبد الأسود. ورجع مرجوعه للوزير وقال له: بدي تجيب العبد الأسود السبب في قتل الراجل زوجته. قال الوزير: يا سيدي الملك من وين أجيب العبد، أنا عارف وين أراضيه وبأي منطقة! قال له: معك ثلاث ايام واذا مجبتوش بتنشنق إنت وعشرة من أولاد عمومتك. هلقيت الملك صار بدو العبد الاسود. راح الوزير، وقعد بقلب داره يفكر، وبعد ثلاث ايام نادى وراه الملك عشان يشنقه إذا ما جاب العبد، وقال له: هاه، إيش صار معك؟ قال له: أنا مش عارف من وين أجيبه. قال له: روح ودع أهلك وتعال، راح. وصار يودع ولاده وبناته ومرته، وعنده بنت صغيرة حملها وصار يحضنها وقال لها: كيف بدي أسيبك؟ كلهم كوم وإنت أربعة وعشرين كوم، إلا ايده وقعت ع جيبتها، وإيش بيلاقي فيها؟ تفاحة ! استغرب. سألها: من وين هالتفاحة يابا؟قالت له: يابا من العبد بخيت، اللي بيشتغل بالبستان واشتريتها منه واديته حقها.عاد ضايلة التفاحة بالجيبة ومش أكلاها.قال لها: يابا إنت عارفة مين هوّ.قالت: آه، هذا بخيت العبد الأسود اللي كان يشتغل بالبستان. المسكين مش مصدق، قال طيب أروح ع الملك وأقول له، وقال والله يا سيدي الملك لقيت العبد وهذي التفاحة اللي كانت سبب قتل الصبية البريئة. وراحوا الحراس والجنود يجيبوا العبد وسألوه: إنت صاحب التفاحة اللي بعتها للبنت؟ طيب من وين جبت التفاحة؟ بدهم يسمعوه.قال: خطفتها من ولد صغير كان يلعب فيها بالشارعقالوا له: عرفت قصة التفاحة؟قال: آه، عرفت القصة كلها من الولد نفسه ابنها.قال له الملك: يعني إنت بتعرفش الصبية ومكنتش تروح ع دارها؟قال: آه بعرفهاش.قال له الملك: إنت سبب ظلم الصبية وموتها، والحكم هلقيت عليك إنت، بدنا ننفذ فيك حكم الاعدام بالشنق.قال لهم:لا لا، لا تنفذوش حكم الاعدام فيَ.قال له الملك: ليش إنت قاتل؟قال لهم:لأنه أنا عندي قصة أغرب من القصة هذي إذا بدي أحكيها لكو، يا إما بتحكموا عليَ بالاعدام يا بطّلعوني براءه! اسمعوها يا بتنجيني يا بتموتني. إلا الملك بيقول له: خلص بعد ما نسمع القصة بنحكم عليك. وفي هالكلام انتهت قصتنا، وتوتة توتة خلصت الحدوتة. ****ذكرت هذه الحكاية في: